منتقدون:إدانة منجب المعطي يؤكد وهن الدوالة المغربية وفساد القضاء وخبث النظام المخزني في الإنتقام بمعارضيه

Ξ همس نيوز

وصف النقيب عبد الرحيم الجامعي، الحكم الصادر ضد المؤرخ المعطي منجب بالسجن النافذ سنة واحدة، بأنه إجراء انتقامي.

وقال الجامعي لراديو “فرنس أنتير”، وفق ما نشر على موقعه على الانترنيت، “أنا مصدوم من هذا القرار، مع الأسف إنه تقريبا إجراء انتقامي من السيد المعطي منجب”.

وأوضح الجامعي متسائلا كيف يمكن للقاضي أن يغلق هذا الملف بهذه الطريقة، وبعد خمس سنوات من التأجيل، والآن، ولأن المعطي منجب غائب بسبب اعتقاله، “نسارع إلى الحكم عليه بالسجن لمدة عام في انتهاك لجميع الدفاعات التي يجب أن تحترمها المحكمة والقاضي الذي أصدر الحكم؟”

وأضاف الجامعي “لا أحد كان يعتقد أنه بإمكان القضاء إغلاق هذا الملف بهذا الإجراء التعسفي”.

وزاد الجامعي مستنكرا “كيف لم يتم استدعاؤه ولم نأخذه للمحكمة للدفاع عن نفسه؟ كيف يمكن للعدالة أن تدين شخصًا غير قادر على الدفاع عن نفسه؟ كيف نفسر هذا القرار؟ هل يمكن اعتباره إجراءً عاديًا؟ لا فهذا مستحيل. إهذا انتهاك للحقوق. إنه قرار غير عادل”.

الرياضي: حٌكم سياسي

من جهتها اعتبرت خديجة الرياضي، رئيسة التنسيق المغاربي لمنظمات حقوق الإنسان ، وعضو اللجنة المغربية للتضامن مع منجب، القرار بالفضيحة.

وقالت الرياضي في اتصال مع نفس الإذاعة الفرنسية، “لقد فاجأتنا إدانته، وهي غير قانونية تمامًا، وقد تم ذلك دون إبلاغ الدفاع ، دون استدعاء الشخص المعني، مع أنه يوجد في السجن ولم يحضروه، وحتى دفاعه لم تعطى له الكلمة، وبعد ذلك نفاجئ بحكم يقع هكذا”.

وأضافت الرياضي “إنه حكم سياسي، ومحاكمة سياسية”، معتبرة أن “العدالة في المغرب غير مستقلة بما أنها تحولت إلى أداة في يد السلطة التنفيذية، تفعل ما يطلب منها لتبييض انتهاكات حقوق الإنسان التي ترتكبها الأجهزة التنفيذية والأمنية”.

وزادت الرياضي هذا الحكم يأتي في سياق من تدهور الحريات، والتراجع إلى الوراء فيما يتعلق بالحق في الحريات”.

حكم غيابي

وسبق للمحكمة الابتدائية بالرباط، أن أصدرت يوم الأربعاء الماضي حكما غيابيا بالسجن مدة عام واحد مع النفاذ في حق المؤرخ والناشط الحقوقي المعطي منجب لإدانته “بالمس بالسلامة الداخلية للدولة والنصب” في قضية تعود إلى العام 2015. وغاب منجب ودفاعه، بحسب ما أفاد محاميه عبد العزيز النويضي مؤكدا أن الدفاع لم يتلق إشعارا بموعد النطق بالحكم.

وصدر الحكم بينما المؤرخ المعروف بآرائه النقدية رهن الحبس الاحتياطي منذ شهر في قضية ثانية تتعلق “بغسل أموال”.

وظل منجب ملاحقا في القضية الأولى، إلى جانب ستة نشطاء وصحافيين يوجد بعضهم خارج المغرب، في حالة سراح بتهمة المس بأمن الدولة وارتكاب مخالفات مالية، على علاقة بمركز ابن رشد للبحوث الذي كان يعنى بدعم صحافة التحقيق وتشجيع الحوار بين الإسلاميين والعلمانيين.

وظلت جلسات هذه المحاكمة تؤجل لنحو 20 مرة دون أن تنعقد منذ 2015، وسط مطالب منظمات حقوقية مغربية ودولية بإسقاط التهم عن الملاحقين.

كما جاء هذا الحكم غداة مثول منجب أمام قاضي التحقيق في القضية الثانية المعتقل على خلفيتها، بحسب محاميه عبد العزيز النويضي، مشيرا إلى أن قاضي التحقيق لم يمكن الدفاع من تصوير نسخ من الملف.

عرقلة حقوق الدفاع

وأضاف المحامي عمر بنجلون العضو الآخر في هيئة دفاع منجب أن الأخير “لم يكن بمقدوره كما محامييه التفاعل مع أسئلة قاضي التحقيق، من دون الحصول على نسخة من الملف”، معتبرا ذلك “عرقلة لحقوق الدفاع”.

واستندت النيابة العامة عندما فتحت التحقيق في هذه القضية الجديدة في أكتوبر إلى إحالة من جهاز متخصص في معالجة المعلومات المالية “تتضمن جردا لمجموعة من التحويلات المالية المهمّة، وقائمة بعدد من الممتلكات العقارية (…) لا تتناسب مع المداخيل الاعتيادية المصرح بها” من طرف المتهم وأفراد عائلته.

وأعلنت تبعا لذلك فتح تحقيق معه حول “حول أفعال من شأنها أن تشكل عناصر تكوينية لجريمة غسل الأموال”، قبل أن يقرر قاضي التحقيق اعتقاله احتياطيا لمواصلة التحقيق.

ترهيب الصحفيين والمعارضين

بيد أن منجب الذي سبق له أن أدان ما اعتبره “ترهيبا للصحافيين والمعارضين عموما” سارع لتأكيد براءته في بيان نشره على فيس بوك. وقال إن الهدف من هذه الملاحقة يتمثل في “معاقبتي” على تصريح صحافي “أشرت فيه إلى دور جهاز مراقبة التراب الوطني (المخابرات الداخلية) في قمع المعارضين وتدبير الشأن السياسي والإعلامي بالمغرب”.

كما سبق له أن اشتكى مرارا من استهدافه “بحملة تشهير” ووجه في 2018 رسالة إلى رئيس الحكومة يعدد فيها “300 مقال” نشرت ضده في هذا الصدد منذ 2015 وحتى ذلك الحين.

من جهتها طالبت منظمات حقوقية وشخصيات سياسية ومثقفون مغاربة وأجانب بالإفراج عنه وإسقاط التهم الموجهة إليه في هذه القضية.

في هذا الصدد دعت منظمة العفو الدولية السلطات المغربية الأربعاء إلى “وضع حد لإساءة استخدام القوانين الجنائية أو اللوائح الإدارية المتعلقة بتلقي تمويل أجنبي، كوسيلة لاستهداف جمعيات حقوق الإنسان المستقلة أو الصحافيين المستقلين”.

من جهتها أعربت جمعية “فري برس أنلمتد” الهولندية التي كانت تقدم دعما ماليا لأنشطة مركز ابن رشد، عن تضامنها مع منجب، داعية هي الأخرى في بيان قبل أسبوعين إلى الإفراج عنه.

في مواجهة هذه الدعوات، أكدت وزارة حقوق الإنسان المغربية أن اعتقال منجب “يندرج في إطار قضية تتعلق بقضايا الحق العام ولا علاقة لها بنشاطه الحقوقي أو بطبيعة آرائه أو وجهات نظره التي يعبر عنها دائما بكل حرية”.

وتشدد السلطات المغربية في مواجهة انتقادات المنظمات الحقوقية دوما على استقلالية القضاء وسلامة الإجراءات. (المصدر : موقع لكم)

حكم “ظالم” يكشف “وهن الدولة”
على نطاق واسع، اعتُبر أن الحكم ضد منجب يدحض المزاعم الرسمية بأن “القضاء مستقل في المغرب”، وتساءل ناشطون: “القضاء المستقل عماد دولة الحق والقانون. فبأي حق وبأي قانون ستتغنون دولياً مع كل هذه التجاوزات؟”. واستغربت الصحافية المغربية التي تعرضت للملاحقة الأمنية والمحاكمة والحبس سابقاً، هاجر الريسوني، الحكم الذي “نزل من السماء”.

كذلك تعجّب حسن بناجح، المحسوب على جماعة العدل والإحسان، من أن “جلسة تجهيز الملف وجلسة النطق بالحكم تمتا في غياب منجب ودفاعه، بعدما واظبا على حضور 20 جلسة طوال خمس سنوات، والأكثر غرابة أن الجلستين معاً جرتا بالتزامن مع مثوله أمام قاضي التحقيق يومي 20 و27 من الشهر الجاري”، وهو ما عدّه “تأكيداً آخر لغياب شروط العدالة والحق في الدفاع في متابعة منجب”. ويدحض المزاعم الرسمية بأن “القضاء مستقل في المغرب”… وقال ان الحكم على منجب “نزل من السماء” ومن دون حضوره أو حضور دفاعه إذ كانا قيد التحقيق بتهمة “غسل أموال”. تأكيد آخر لغياب شروط العدالة والحق في محاكمة المؤرخ المغربي.

وأدان الناشط الريفي المقيم في هولندا، جمال الخطّابي، ما وصفه بـ”العبث”، عبّر الناشط السياسي أسامة أوفريد عن ألمه لاستمرار “مسلسل نزيف وطننا الجريح”، مشيراً إلى أهمية التوحد خلف حملة لوقف “الاعتقال السياسي” في المغرب.

وسخر الداعية والمعارض المغربي عبد الكريم مطيع الحمداوي من الحكم معقباً عبر فيسبوك: “من سمع أن المعطي منجب حُكم عليه بسنة سجناً وغرامة لمسه بسلامة الدولة، ظنّه حنبعل يُهدد أسوار روما!”، وزاد باعتبار الحكم دليلاً على “منتهى شعور الدولة المغربية بالضعف”. واتفق الناشط السياسي السوري سلام الكواكبي مع هذا الرأي، إذ قال إن الحكم “يشير بوضوح وألم إلى وهن هذه الدولة”.

وكتب أحمد المحضار عبر فيسبوك: “وأنا أقرأ كارثة الحكم على المعطي منجب ورفاقه، حضر لدي جواب فيلسوف العصيان المدني الأمريكي ‘هنري ديفيد ثورو‘ عن سؤال لصديقه الأكاديمي الذي زاره في السجن وسأله باستغراب عن أسباب وجوده في الزنزانة، فرد عليه بهدوء: أنا من عليّ توجيه السؤال إليك وإلى كل من يشاركنا القناعة في المساواة والحرية والكرامة: ماذا تفعلون أنتم خارج السجون؟ لماذا تتعايشون مع التسلط ولا تثورون في وجه مؤسسات هذا الاستبداد وهذا التغوّل القمعي الغابوي”.

أما الصحافي المغربي حميد المهداوي، فرأى أن ما يحصل مع منجب “أكبر عنوان عن دناءة ورداءة مرحلة سياسية انهارت فيها كل القيم الإنسانية واستأسد فيها المكر والجُبن والخُبث في أبشع صوره”.

وأعرب كثيرون عن التضامن الكامل مع منجب الذي يعاقب على قرار البقاء في الوطن والصمود و”الاستمرار في فضح الاستبداد المخزني”. وشددوا على أن الحكم الظالم صدر بحق أبرياء قالوا “كلمة حق في وجه الفساد”.

تجدر الإشارة إلى أن منجب تعرض لحملات تشهير عديدة خلال السنوات الأخيرة واعتُقل مراراً بسبب نشاطه المناهض للفساد والمنتقد للسلطة.

Get real time updates directly on you device, subscribe now.

مقالات ذات صلة

علق على هذه المادة

التعليقات تعبر عن رأي صاحبها فقط ... كما يرجى الالتزام بالأداب العامة

1 + 6 =