نقد الدكتور فريد الأنصاري “للسلفية الحديثة بالمغرب”

محمد فاضيلي يكتب: نقد الدكتور فريد الأنصاري رحمه الله للسلفية الحديثة بالمغرب

خصص الدكتور فريد الأنصاري رحمه الله في كتابه الصادر سنة ستة وألفين بعنوان”الأخطاء الستة للحركة الإسلامية” بابه الثاني المعنون ب”استصنام المذهبية الحنبلية في التيار السلفي” لنقد التيار السلفي في المغرب، مقسما إياه إلى ثلاثة فصول، سماها:

تمهيد تاريخي
استيراد المذهبية الحنبلية باسم الكتاب والسنة
الأخطاء المنهجية للتيار السلفي في تدبير الشأن الدعوي بالمغرب.
بعد أن نوه الكاتب بنشأة الدعوة السلفية ك”أول ما اشتغل بالمغرب من حركات الإصلاح” على يد علماء أجلاء أمثال الشيخ ابي شعيب الدكالي والشيخ ابن العربي العلوي والشيخ الدكتور تقي الدين الهلالي، وقاموا “بالعمل على إخراج أجيال الصحوة الإسلامية المعاصرة” وأكد أن”التيار السلفي كان على خير، ونطق بخير، واشتغل بخير. وما كان أحد أولى منه بإصلاح البلاد والعباد لو استمر على النهج القويم”

لكنه انحرف عن منهجه وأهدافه التي أنشئ من أجلها، وحدث له اختلال في موازين العمل، لخصها في ثلاث:

اختلال ميزان الحكمة
اختلال ميزان الإنصاف
اختلال ميزان الحلم
وبين مقصوده من اختلال ميزان الحكمة بأنها” لم تراع مقتضيات البيئة المغربية وطبيعة أدوائها، ما تطيقه من أمور الدعوة والإصلاح وما لا تطيقه، وما كان حقه التقديم من ذلك، وما كان حقه التأخير، ولم تستطع التكيف مع طبيعة المغرب المذهبية والسياسية “.

وبين مقصوده من اختلال ميزان الإنصاف “أنها ظلمت كثيرا من خصومها من أهل العلم والصلاح، من ذوي الاجتهادات المخالفة، ولم تعترف لهم بفضيلة البتة، كما أنها صادرت المذاهب الفقهية جميعا عدا المذهب الحنبلي، وهاجمت التصوف بلا تمييز بين أهله ومدارسه، ولم تحترم مراتب الأحكام على البدع إلا قليلا.”

وبين مقصوده من اختلال ميزان الحلم “بما مارسته من شدة مفرطة في النقد والهجوم على كثير من علماء المسلمين ممن ابتلاهم الله بالابتداع الحقيقي أو الإضافي في العقائد والعبادات، أو حتى ممن خالفهم في الاجتهاد الفقهي المحض…بل إن بعض دعاتها المتأخرين قد تورطوا في قاموس من الشتائم والسباب مما لايليق بالمسلم العادي أن يتلفظ به، بله العالم الداعية”

هذه الاختلافات كان لها “أثر بالغ على انحراف التيار السلفي، وانزلاقه إلى اتجاهات أخرى، وظفت أحيانا لضرب الإسلام نفسه”

عمل التيار السلفي على استيراد المذهب الحنبلي بدل المذهب المالكي الذي تبناه المغاربة منذ الصدر الأول، وعمل على فرضه فقهيا ومنهجيا.

فالأول الذي هو التجلي الفقهي للسلفية متعلق بمجموعة من الأحكام الفقهية، التي قال بها الحنابلة قديما، وجعلوها من اختياراتهم، فصدرت إلينا على أنها ضرب من التجديد للدين ومحاربة البدع، كالقول بوجوب النقاب على النساء، وعدم جواز مس اللحية بشيء من القص والتهذيب مهما طالت، ووجوب الخروج من الصلاة بتسليمتين بدل تسليمة واحدة، …

والثاني هو التجلي الأصولي المنهجي، والمعروف ب”الاجتهاد في إطار المذهب” حيث لم يسمحوا للفقهاء بالاجتهاد الأصولي خارج أقوال الإمام أحمد بن حنبل، وسمحوا بالاجتهاد في الفروع فقط.

وقد أخطأ السلفيون المغاربة إذ” نقلوا كثيرا من الأقوال الحنبلية نقلا حرفيا على أنها هي الكتاب والسنة لا أنها ضرب من الفهم للكتاب والسنة، سواء في ذلك ماهو حنبلي محض أو مخرج على قواعد الحنابلة، فاصطدموا بما جرى عليه العمل من الفقه المالكي المغربي، وتكسرت تياراتهم على صخرة الجهل بالاختلاف المذهبي”

وهكذا، فقد وقع السلفيون في خمسة أخطاء منهجية عند تدبيرهم للشأن المذهبي في المغرب:

الإعراض عن المذهب المالكي واختلال ميزان الأولويات، دفعهم إلى ال”التركيز على المفاسد الجزئية الخلافية، وإهمال المفاسد الكلية الإجماعية القطعية، وعدم مراعاة حاجة البيئة الدعوية وطبيعة مشكلاتها”

وركزوا على أوهام البدع كالسبحة وقراءة القرآن جماعة..

ثم” دخلوا في معارك وهمية مع خصوم وهميين، وتركوا العدو الحقيقي يعيث في الأرض فسادا وهم لا يشعرون”

الغلو في التحقيقات العقدية:
” وذلك بالدخول في في مواجهة الشعرية بإطلاق، دون تحر ولا تقييد..وبالدخول في معارك ماتت، وبعث فتنها من جديد، وتصنيف الناس في العصر الحاضر على موازينها..ثم الغلو في التحقيقات العقدية وإدخال العامة في متاهاتها”

مواجهة التصوف بإطلاق:
بلا تمييز بين صالحيه وفجاره، وهذا ما لم يفعله كبار علماء السلفية كابن تيمية وتلميذه ابن القيم رحمهما الله.

تضخم الشكلانية المظهرية:
” حيث صار المظهر الخارجي هو المقياس الخارجي لسلامة الدين لدى كثير منهم، وغذا إعفاء اللحية وتقصير الثوب بالخصوص هو المقياس الأساس للالتزام بالدين”

الارتباط المادي المشروط ببعض الدول المشرقية:
حيث أن” السبب الرئيس في اصطباغ السلفية الدخيلة بالمذهبية الحنبلية..إنما هو الارتباط المادي بدول الخليج…الشيء الذي دفع بعض الانتهازيين إلى تصدر قيادة التيار السلفي أو الانتماء إليه على الأقل طمعا في الحصول على دعم مادي يخرجه من الفقر إلى الغنى، أو منحة دراسية بالمشرق تفتح له الآفاق، أو منصب داعية بالخارج يتقاضى عليه أجرة شهرية منهم، أو نحو هذا أو ذاك.

Get real time updates directly on you device, subscribe now.

مقالات ذات صلة

علق على هذه المادة

التعليقات تعبر عن رأي صاحبها فقط ... كما يرجى الالتزام بالأداب العامة

11 − 8 =