بولحية يكتب “من يريد جر الفلسطينيين إلى خيام تندوف؟”

Ξ همس نيوز

على ما يبدو مقال الرأي للكاتب التونسي، نزار بولحية، والذي نشر في موقع القدس العربي، أثار غضب البوليساريو.

وقالت بعض المنابر الإعلامية التابعة للبوليساريو، ان المقال مملوء بالمغالطات، وأن نزار بولحية يواصل هذيانه وجهله المركب بقضية الصحراء الغربية.
وجاء في مقال بولحية المعنون بـ “من يريد جر الفلسطينيين إلى خيام تندوف؟ “:
الفلسطينيون مكروبون ومهمومون. ولا يشغلهم أو يعنيهم اليوم أن تتحرر الصحراء الغربية أو المغربية، كما تطلق عليها الرباط، فتصبح جمهورية مستقلة، أو لا يحصل ذلك، وتظل إقليما من أقاليم المغرب. غير أن آخرين بالتأكيد كالإسبان مثلا يبدون، وعلى العكس، اهتماما بتلك الأرض، بعد أن أخلوها منتصف السبعينيات، ويعتبرون أنفسهم أوصياء معنيين قبل غيرهم بمستقبل ومصيرها. لكن هؤلاء يبرعون أيضا في المراوغة، وشد الحبال وإرخائها لاعتبارات ظرفية، مرة للمغرب، وأخرى للجزائر، بهدف تأبيد المشكل واستثماره بما يخدم مصالحهم.
وربما كان هذا الوقت بالذات بنظرهم هو وقت مغازلة الرباط، ولو بما خف حمله وثقل وزنه من العبارات، والأدلة على ذلك عديدة، ليس أقلها رد أرانشا غونزاليس لايا على استفسار الناصر بوريطة لها قبل أيام، حول مقابلة وزير الدولة الإسباني للشؤون الاجتماعية، لممثلين عن جبهة البوليزاريو، بأن موقف بلادها من الجبهة لم يتغير، وأنها، أي إسبانيا لا تعترف بـ»الجمهورية الصحراوية»، وتعبير الوزيرة الإسبانية ذاتها، في وقت سابق، عن اعتراضها على ترسيم الجزائر حدودها البحرية بشكل انفرادي، وهو الموقف نفسه الذي كانت قد أعلنته قبل مدة عند ترسيم المغرب حدوده البحرية.
فالقاعدة التي يطبقها الإسبان هي، متى أرادت مدريد أن تتقارب مع الرباط، أو مع الجزائر، فما عليها إلا أن تفعل ما تريد، ثم تسمع كل واحدة منهما لاحقا ما ترغب هي بسماعه منها، لكن أقصر الطرق إلى ذلك هي أن تظهر بالموازاة مع تعابيرها المنمقة نحو المغرب مثلا نوعا من الجفاء، وربما حتى العداء تجاه جارتها الجزائر والعكس بالعكس. وربما كانت السياسة الخارجية الإسبانية، على اختلاف وتنوع الحكومات، قائمة على ذلك الرقص الماكر على وتر المتناقضات الإقليمية، والعمل بكل الوسائل على استبقائها لاطول وقت ممكن. لكن ألا يبدو غريبا أنه كلما تعلق الأمر بالشمال الافريقي، وتحديدا بالمغرب الكبير، يجد الفلسطينيون وهم الذين لا ناقة لهم ولا جمل، لا في الخلافات والصراعات المغربية الجزائرية، ولا في فن الرقص الإسباني عليها على اكثر من ساق واحدة، أنفسهم بين نقيضين أو لنقل بين نارين؟ فهم بحكم عدة اعتبارات، لا طائل من سردها، مطالبون دوما بأن يعبروا عن شكرهم وامتنانهم للمغرب ملكا وحكومة وشعبا، على ما قدمه لهم ولقضيتهم من دعم سخي. وهم مدعوون في الوقت نفسه كذلك إلى أن يعبروا عن شكرهم وامتنانهم أيضا للجزائر رئيسا وحكومة وشعبا، على كل ما منحته لهم.
ولكن الشكر والتعبير عن العرفان والامتنان لهذه، قد لا يمر حتما من دون أن يثير امتعاض واستهجان وحتى غضب تلك، مثلما أن السعي لإرضاء الاثنين معا قد يكون مطاردة فاشلة للسراب. لقد ظل حاضرا في أذهانهم، وطوال رحلة توزعهم وتشردهم بين العواصم، أن هناك خطوطا حمرا ومحظورات وحساسيات، لا تعد ولا تحصى بين الأقطار العربية، التي اتفقت جميعها على دعمهم لفظيا من أجل تحرير بلادهم من الاحتلال الإسرائيلي، وأنه لا سبيل لجمع الشامي على المغربي، ولو لتحبير بيان إدانة وتنديد لما يلحقهم ويلحق أراضيهم ومقدساتهم من انتهاكات مستمرة. لكن ما ذنبهم إن كان هناك من قلد حتى رايتهم، وكاد يستنسخها بالكامل مدعيا أنه استلهم من نضالهم وصمودهم أمام المحتل الاسرائيلي نضاله وصموده، واستمر يقارن نفسه دائما بهم، ويشبه الطرف الذي يواجهه بالغاصب الإسرائيلي الذي يعادون؟ إن قصة العلاقة الافتراضية بين الفلسطينيين والبوليزاريو، قد تبدو في جانب ما أشبه بقصة علاقة سيريالية قسرية، أريد لها أن تتم من طرف واحد وبالفرض والغصب فقط. فلا أحد سأل المعنيين إن كانا يريدان أو يقبلان بالعلاقة، أو كانا مستعدين لأن يتقاسما نضالهما، أو يشتركا وبشكل رمزي في حرب واحدة على جبهتين اثنتين. ولم يكن ليغيب عن بال الفلسطينيين بالذات، أن اقترابهم من الجبهة أكثر من اللازم، كان يعني ابتعادهم وافتراقهم نهائيا عن المغرب، مثلما أن إنكارهم وبشكل واضح وصريح لأي تعاطف معها كان يعني بالضرورة ابتعادهم النسبي عن الجزائر. وما من شك بأن أكثر من كان يدرك ذلك، أو يفترض أن يدركه من رجالات السلطة هما السفيران الفلسطينيان المعتمدان في الرباط والجزائر. وما يستعصي على فهم المغاربة حتى الآن، هو كيف أمكن للدبلوماسي الفلسطيني المعتمد في جارتهم أن يتصرف على النحو الذي فعله قبل أيام، ويستفزهم من حيث أراد أم لم يرد، في ما يعتبرونها قضيتهم الوطنية الأولى؟

المؤكد أن من يريد جر الفلسطينيين إلى خيام تندوف لا يبحث عن مصلحتهم، بل يريد أن يجعلهم وقودا لمعركة جانبية تستعر بين المغرب والجزائر

وربما سيكون على المقدسيين والغزاويين، وكل سكان الأرض المحتلة، أن يحمدوا ربهم ويشكروه على أن الموقف الرسمي المغربي، لم ينجرف في حادثة السفير الفلسطيني بالذات، وراء تلك الردود المتطرفة والعمياء لكثير من المعلقين على مواقع التواصل الاجتماعي. فالرباط لم تحمّل الأمر أكثر مما يحتمله، ولم تحقق لكثيرين ما كانوا يتمنونه من تكرار للمشهد المأساوي الذي حصل في التسعينيات في ليبيا في ظروف أخرى، حين قرر العقيد الليبي الراحل القذافي، وفي لحظة طيش، ترحيل الفلسطينيين من بلاده بدعوى أن عليهم الذهاب إلى دولة فلسطين المعلنة في أوسلو. ولكن هل كان وجود أمين مقبول بالشكل الذي أظهرته به بعض المواقع مع طلبة صحراويين، كما يبدو وهم يرفعون علم البوليزاريو في إحدى التظاهرات بالجزائر، أمرا عفويا، أو حتى خطأ فرديا غير مقصود قد يتحمله هو وحده؟ أم أن المسألة أعقد من ذلك، رغم ما قاله لاحقا وزير الخارجية الفلسطيني رياض المالكي للسفير المغربي في رام الله من أن بلاده أي دولة فلسطين «على موقفها الثابت من عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول العربية، والتمسك بوحدة وسلامة أراضيها، ودعم وحدة المغرب وجهوده في هذا الشأن، وفقا لقرارات الجامعة العربية والأمم المتحدة».
لن يجادل أحد في أنه من حق الفلسطينيين أن يبدو انزعاجهم وحتى غضبهم من تصريح وزير الخارجية المغربي مطلع الشهر الجاري، في برلمان بلاده الذي قال فيه «إن قضية الصحراء هي القضية الاولى للمغرب، وينبغي أن لا نكون فلسطينيين اكثر من الفلسطينيين انفسهم». ولكن ألم يكن بإمكانهم، أي الفلسطينيين، إن هم أرادوا الاحتجاج بتلك الطريقة، أن ينظروا على الأقل إلى تلك المظاهرات الحاشدة التي خرجت في الرباط بالذات دعما لهم، ورفضا لما قاله الوزير؟ ثم ألم يقدم السفير الفلسطيني، وعلى طبق، لبوريطة ولمن يفكرون مثله المبرر المطلوب على صحة مزاعمهم؟ وما الذي ستستفيده القضية الفلسطينية من وراء محاولة الاصطفاف وراء البوليزاريو؟
المؤكد أن من يريد جر الفلسطينيين إلى خيام تندوف لا يبحث عن مصلحتهم، بل يريد أن يجعلهم وقودا لمعركة جانبية تستعر بين المغرب والجزائر فيما يتهيأ اعداؤهما الحقيقيون لاقتسام ثروات المتوسط والأطلسي من دون أن يهمهم لا بقاء الصحراء في المغرب ولا استقلالها!
*كاتب وصحافي من تونس

Get real time updates directly on you device, subscribe now.

مقالات ذات صلة

علق على هذه المادة

التعليقات تعبر عن رأي صاحبها فقط ... كما يرجى الالتزام بالأداب العامة

74 − = 69