خالد الإعيسر
منعطف السياسة السودانية الحالي ينبئ بالكثير من المخاطر، لذا أعدد مباشرة بعض النقاط العامة للحلول المرجوة، ومن زاوية مختلفة، “ولا أقول كل المطلوبات”، وأظنها نقاط من شأنها أن تسهم في خروج السودان من النفق المظلم الذي يعيشه هذه الأيام”.
* بدءاً على الحكومة الإنتقالية في السودان ممارسة قدر أعلى من الشفافية وتبصير الشعب بكل الحقائق، والإبتعاد عن الأكاذيب والهروب إلى الأمام خوفاً من الإخفاقات برمي الكرة في ملعب الآخر (خير مثال الحرج الكبير الذي خلفه الجدل الواسع -رسمياً، وشعبياً، وإقليمياً، ودولياً- حول إنكار بعض الأطراف داخل المكونين العسكري والمدني في رئاسة الدولة بمعرفة لقاء رئيس مجلس السيادة السوداني عبد الفتاح البرهان برئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، وتحديداً معرفة رئيس الوزراء عبد الله حمدوك بلقاء عنتيبي في يوغندا وهذا ما أكده البرهان ونفته حكومة د. حمدوك “مرتين”).
* فتح الأفق السياسي، وببساطة ووضوح المقصود هنا هو أن القوى الموقعة على قوى إعلان الحرية والتغيير ليست الوريث الشرعي للسودان كدولة وشعب لتفعل فيه ما تشاء (والواقع أنها قوى محدودة الأتباع وبها “شلة داخل المكون نفسه” اختطفت الثورة وجيرتها لمصالحها الحزبية وأجندات فئوية وأيديولوجية دخيلة على المجتمع السوداني وثقافته وتقاليده ودينيه، وهي تمثل شرائح قليلة جداً قياساً بأبناء المجتمع السوداني العريض، ولهذا يصبح من المهم إشراك كل القوى الوطنية ما عدا تلك التي تلوثت أياديها في قضايا الفساد والقتل أو الجرائم ضد الإنسانية.. وبالطبع حزب المؤتمر الوطني غير معني بالمشاركة في المرحلة الإنتقالية، ولانصاره -النظيفين- الحق الكامل وفق الأعراف والدساتير والتجارب في دول مشابهة، الدخول للإنتخابات المقبلة بإسم غير إسم هذا الحزب الذي جرم لأنه ساهم بشكل كبير في كل هذا الدمار المعاش.. وبعدها إن فازوا بإرادة الجماهير فتلك هي الديمقراطية التي ارتضيناها وعلينا أن نقبل بنتائجها).
* وقف تسيس الوظائف وإسنادها للكفاءات بعيداً عن المحاصصات “أياً كان شكلها”.
* دعم المصالحة الوطنية وتحقيق السلام بأقصى سرعة ممكنة.
* وقف استفزاز المؤسسات الأمنية القومية (الجيش والشرطة وجهاز المخابرات العامة)، ودعمها للقيام بدورها المهني والوطني التاريخي المعروف.
* وقف استخدام الدين كرتاً سياسياً لتصفية الخصوم (أياً كان دينهم أو فكرهم أو انتماؤهم الحزبي).
* وضع إستراتيجية عاجلة للنهوض بالإقتصاد، وتكون من شقين (طارئة، وأخرى سقفها تاريخ تولي الحكومة المنتخبة بعد قيام الإنتخابات).
* التوافق على حلول استباقية للأزمات الاقتصادية المتوقعة بفعل تراكم الإخفاقات وتعثر العملية السياسية خلال الفترة الماضية.
* التركيز على فكرة بناء الدولة السودانية الحديثة على أساس المواطنة والتعاطي مع هموم المستقبل بعيداً عن روح التشفي والانتقام.
* محاسبة كل من أجرموا في كل أجزاء وأزمات السودان (أزمة دارفور، جنوب كردفان، النيل الازرق، جرائم ثورة ديسمبر وما قبلها بما في ذلك حوادث فض الاعتصام).
* عدم البت في القضايا الاستراتيجية المصيرية التي تتطلب رأي ديمقراطي حقيقي يستفتى فيه -كل- أبناء الشعب السوداني، ومن ذلك: (الهوية، الحدود، اتفاقيات ترسيم الحدود المبرمة مسبقاً مع دول الجوار “ومنها إتفاقية نيفاشا”، المناطق المستعمرة من دول الجوار “حلايب، شلاتين وأبو رماد والفشقة”، حماية سيادة القرار السيادي الوطني وعدم الإرتماء في أحضان الخارج والارتهان للأجندات الاقليمية والدولية التي لا تخص حياة السودانيين في هذه المرحلة العصيبة، وهنا يجب الإشارة إلى ضرورة عدم اتخاذ أي قرار خاص بالتطبيع مع دولة اسرائيل لحين قيام برلمان سوداني منتخب ليفتي في هذه القضية برؤية وطنية وقومية).
* تبني خط إعلامي وطني وقومي متزن يدعم ثقافة الشعب السوداني والتمازج والوحدة والديمقراطية وتزكية قيم الحرية والسلام والعدالة، واستنهاض الطاقات وتوجيهها لخدمة الهموم الوطنية بمعزل عن الانتماءات الضيقة، سواء أكان ذلك سياسياً، أو قبلياً، أو جهوياً.
* هذه النقاط تكفي مبدئيا لتحقيق روح الوحدة التي غابت منذ فجر انتصار الثورة التي تراجع بعدها الإيقاع التفاعلي القومي من أجل نهضة السودان كنتاج لممارسة بعض الأحزاب التي اختطفت الثورة وخونت الجميع.
وايضاً من شأن هذه الملاحظات تفكيك الاحتقان جزئياً، وإزالة مخاطر وهواجس وقوع الفوضى، وشحذ الهمم “من جديد” وتوفير مناخ يدعم خطط ثورة ديسمبر المجيدة وتأمين مرحلة الإنتقال حتى موعد قيام المؤتمر القومي الدستوري والانتخابات العامة.
هذا بإختصار، وبإذن الله ستعبر بلادنا مرحلة الخطر.
التوقيع: شخص يستشعر بخطر مقبل ما لم يتم التعامل مع الواقع الحالي بقدر عالي جداً من المسؤولية، وفوق ذلك نجاح الثورة يهم كل وطني، لذا أدعو لتنزيل هذه الشعارات إلى أفعال حقيقية تسهم في نهضة السودان.
والله من وراء القصد!.
كاتب وإعلامي سوداني