منير الحردول
في خضم الجدل القائم حول خروج بعض الواطنين للشارع، واستفزازهم لعامة الشعب، بهذا التصرف الذي أقل ما يقال عنه أنه أرعن وجاهل.
كيف لعاقل في هذا الوقت العصيب، أن يقبل بالسلوكات الخرافية التي تنم عن جهل مطبق، بقواعد السلامة الصحية، والتي أجمع على صوابها المختصون وعامة الشعب، بدعوى الدعاء أو اللجوء إلى الخالق سبحانه وتعالى في وقت الشدة.
الله عزوجل يعبد عن علم و ليس عن جهل، كما أنه سبحانه وتعالى غني عن العالمين، وبريء من نفاق ومكر البشر، الذين كلما أحسوا بالضعف أو الخطر
يتدرعون لله، كأن الله لا يعلم ما في قلوب البشر، وهو خالق هذا الكون العظيم.
الخروج في تظاهرات ليلية بهذه الطريقة، وفي تحد سافر لقرارارت الدولة المغربية ، هو استفزاز بكل المقاييس، فحين تجتمع مكونات الأمة على تأييد القرارات المحدة لحرية الأفراد والجماعات، والضامنة لسلامة الجميع، فهذا يدخل في صميم الرسالات السماوية بما فيها الإسلام.
لأن الحياة بصفة عامة مقدسة، وهي الأولوية القصوى، قبل السياسة والاقتصاد، فلا محرك لأي عجلة كيفما كان حجمها، بدون السلامة التامة، العضوية والنفسية للمواطنين والمواطنات.
الجهل واندفاعه نحو المجهول، قد يدمر كل شيء، تم التخطيط له، و استبعاد الدولة للخطر المحتمل برزنامة من الاحتياطات الجريئة، والقاسية والصعبة في آن واحد، بالنظر للظرفية الصعبة الداخلية والخارجة المتراكمة، والتي وضعت لها هذه الجائحة حافة خطيرة، وجب التعامل معها بحذر شديد جدا، لكي لا ينجر الكل لتلك الحافة فتكون النتيجة السقوط. ويصل الجميع لطريق مسدود، عنوانه الموت المحقق، البطيء المؤلم لنا جميعا.
فهؤلاء الذين تجرأوا على هذا النوع من الغباء التظاهري، ساهموا ويساهمون في تفشي الخطر، لأن انتشار الفيروس، لا يميز بين الدعوات وقراءة اللطيف، وإنما هدفه هو الوصول إلى أكبر عدد من البشر، بهدف الانتقال لأناس آخرين وهكذا دواليك.
الحجر الصحي الذي فرضته الدولة، على المواطنين والمواطنات، ليس بهدف تقييد الحريات، بل بالعكس، أي ضمان حرية أفضل في مستقبل الآمن، وذلك بحصار هذا الفيروس، الذي ينتقل من شخص لآخر بسرعة و بطرق سهلة. فصل فيها العلم من حيث تنقلاته وحركاته و ميكانزماته الهجومية على الأعضاء والخلايا البشرية، ولم يفصل فيها الجهل الذي أظهر بتحديه للعلم وللسلطة و رغبة عامة الشعب، وضربه بعرض الحائط لكل الدعوات العلنية الإعلامية والصحية والعلمية، بعدم الخروج والاختلاط، بل ساير الجهل نفسه، وتحدى الدين الذي قدس الحياة، وداس هذا الجهل الخبيث على الأحاديث النبوية التي أرشدت الأمة عن الطرق المثلى التي وجب القيام بها في حالة اجتياح وباء ما للبلاد والعباد.
وأكبر دليل على رزانة العقل والعلم النافع، هو ما أقدمت علية الدولة من خلال إغلاق دور العبادة لكبح تفشي هذا الوباء بين المصلين، والحفاظ على سلامة الجميع، في تعبير واضح عن الفهم الصحيح للإسلام الساهر على الحفاظ على حياة عباد الله، بعيدا عن الخرافة المستشرية في عقول أعداء العلم والفريضة والسنة النبوية المتبعة، التي أمرنا بها ديننا الحنيف.
أمام هذا البلاء الجاهلي الذي أدى إلى نكران اجماع الأمة! هاهو فيروس كورونا مفعم بالنشاط! ويزحف مع الجهل، لكونه وجد مرتعا خصبا تمثله التجمعات التي تحاول خرق الحظر، وبالتالي الاختلاط الذي ييسر عملية تفشي هذا الفيروس المدمر لكل شيء.
ياجهل كفى! العلم لا زال يبحث عن دواء لهذه الجائحة الجارفة، فلا تترك الوباء يتبختر في بلاد لا تستطيع تحمل غباء من يجهل بالعواقب والتوقعات الرهيبة، في حالة قدر الله وخرجت الأمور عن السيطرة!
يا جهل كفى من الخرافة! العلم نور والجهل عار.